- -

الثقة...في المشهد السياسي


كثر الحديث بعيد المؤتمر الوطني الأخير لحزب العدالة و التنمية ، و الذي أفرز تجديد الثقة في عبد الإله بنكيران كأمين عام للحزب لولاية ثانية ، كثر الحديث عن الهيكلة المتينة للحزب ، و مصداقيته ، و التنظيم المحكم للمؤتمر و عدد من الأمور المتعددة ، و التي يرى فيها المتتبعون أنها تنم على أن هذا الحزب هو الأقرب للمثالية في المشهد السياسي المغربي . سأتطرق لهذا الموضوع في تدوينة مستقبلا ، لكن ما تبادر لذهني و أنا أتابع هذه الكتابات ، هل كان لزاما بعد هذا الزمن السياسي الطويل الذي تخبط فيه المغرب منذ الإستقلال إلى أن اليوم أن نتحدث عن إشراقات سياسية في الوسط الحزبي ؟ هل آن الأوان ان تعيد الأحزاب النظر في أمرها ، لنواكب الظرفية ؟ ؛ و قبل هذا و ذاك ، تساءلت عن الأسباب التي تجعل من واقعنا السياسي واقعا مميعا ، غير أهل بالثقة. 

و في ذلك أجملتها في أسباب داخلية للأحزاب ، أرى على أنها لو صلحت صلح المشهد السياسي ككل في المغرب . و هي الصدق . الإيديولوجية و المال/المصلحة الخاصة.

الصدق :
لا أحد يجادل في كون أن جميع الأحزاب السياسية و بدون استثناء ، تدنت أسهم مصداقيتها إلى أدنى مستوياتها عبر التاريخ. فالأحزاب السياسية أثبتت عدم توفرها على شخصية مستقلة تبلورها بناءا على أهذافها  و وعودها ....بعد وصولها إلى سدة الحكم . تدني مستوى الصدق هو مرتبط أساسا بتدني صدق الفاعلين السياسيين و عدم وفائهم بتعهداتهم و أيضا مرتبط بما سيلي بعده.

الإيديولوجيا السياسية :
شخصيا أعتبر أن لا إيديولوجيا سياسية متوافرة لدى أحزابنا سوى ما يرفع من شعارات في المؤتمرات و ما يدون في الأوراق و اللافتات ، وهو ما يصطلح عليه بلغة اللافتات. فبمجرد ما إن يتولى هذا الحزب أو ذاك زمام الأمور حتى تختفي الإيديولوجيا و المبادئ و البرامج المسطرة مسبقا ، و هذا نلاحظه في الإنتخابات التشريعية خاصة. و تتبخر الإيديولوجيا و المبادئ أيضا في خضم الإئتلاف الحكومي ، عندما نرى اليميني يتحالف مع اليساري و الوسطي ، دونما اعتبار للإيديولوجيا السياسية و البرامج المسطرة المسبقا ، و التي بناءا عليها صوت لهم المواطنون . بالإضافة إلى أن الأحزاب التي تشكل الحكومة عندما يساؤلها ممثلوا الأمة في البرلمان ( ممثلون حقيقيون !!!) تتدرع الحكومة بأنها تنفذ برنامج الملك و أنها لاتخالف تعليمات جلالته. 

المال/المصلحة الشخصية :
و هذه الأخيرة تسيطر على عدد مهم من السياسيين ، فمنهم من جعل من حزبه مقاولة لذر الأموال بالباطل . فبمجرد أن يبزغ فجر الإنتخابات حتى تبدأ هذه الأحزاب في بيع صكوك اتزكيات لم يدفع أكثر ، و هو ما يبرر الغيابات الكثيرة في قبة البرلمان ، لأن هؤلاء البرلمانيين لم يعنيهم بترشحهم مصلحة العامة من الشعب ، بقدر ما يبغون مصلحتهم الشخصية. بالإضافة إلى أحزاب العائلات كبيرة كانت أو صغيرة ...إلخ.

إني بهذه التدوينة قد يقول البعض بأني ، أنظر للواقع السياسي المغربي بمنظار أسود . لكن للأسف هذا واقع ننظر له بمنظار الغير ، يصور لنا ما يريد لنا البعض أن نرى . غير اني أتمنى أن يكون هناك استثناء في الهيئات ، أما الأشخاص فأنا متأكد من وجود استثناءات بالجملة لكن يقبرون .