- -

رأي في حركة ..."ماصايمينش"


بعد حركة مالي الداعية للإفطار في رمضان ، و التي نادت بذلك العام الفارط. اليوم و بعد سنة من ذلك تأخذ الحركة مسمى جديد ، و يبقى الجوهر كما هو . الدعوة للإفطار جهارا في رمضان ، حركة " ماصايمينش " ، تمسكا منهم بالمادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 الذي يعطي الحق للفرد، إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة. و هم في ذلك على جانب من الصواب و أيضا مجانبين للصواب، و بينهما أبدي رأي متواضع بهذا الخصوص.

و سأعمل على مناقشته من الوجهة الدينية و الأخلاقية و القانونية .
إنما تقديم البعد الديني ليس لتشدد في الأفكار أو لتمرير أو تغليب خطاب على آخر ، بقدر ماهو تقديم وجهة نظر دينية ( إسلامية ) في هذا الأمر ، و تقديمه أيضا هو فقط لأن معتنقي حركة "ماصايمينش " منهم من يعتنق الدين الإسلامي و منهم الملحدين ، و نحترم كل منهم ، غير أننا آثرنا تقديم الرأي الديني لترك الرأي الأخلاقي و القانوني بعده.على اعتبار الإثنين الأخيرين يسري مفعولهما و آثارهما على الجميع.

رأي ديني:

شرع الله للمسلمين صيام شهر رمضان ، و هو الشهر الذي أنزل فيه القرآن ( الكتاب المقدس للمسلمين ) . مصداقا لقوله تعالى: ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) الآية 185 سورة البقرة .
هذه الآية تقدم تفصيلا عن الشهر الأبرك و السياق الذي شرع فيه بالإضافة إلى مدته و الأعذار التي تجيز الإفطار فيه . و بالتي تحريم الإفطار في رمضان على كل مسلم .
و في ما روي عن السلف و على رأسهم الرسول الكريم :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصُفِّدت الشياطين ) متفق عليه.
وروى النَّسائي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا جاء رمضان فُتحت أبواب الرحمة وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين ) وصححه الألباني في صحيح الجامع .
وروى الترمذي وابن ماجه وابن خزيمة في رواية : ( إذا كان أول ليلة في شهر رمضان صُفِّدت الشياطين ومَرَدَة الجن ، وغلقت أبواب النار فلم يُفتح منها باب ، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب ، وينادي منادٍ : يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر . ولله عُتقاء من النار وذلك كل ليلة ) . وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
و باعتبار أن الإفطار في رمضان نهارا من المعاصي ، فالدين الإسلامي يقضي بوجوب ستر المعاصي .
و في هذا الرأي الديني أرتأيت أن أقدم بعض النصوص الدينية المرجعية على وجوب الصيام في رمضان . و جزاء الصائم و التائب في هذا الشهر . لن أفصل في الأحكام . لست بدارس للدين و بذلك لن أتطاول على ما ليس لي به تخصص علمي.

رأي اخلاقي :

إن القول بالإفطار نهارا جهارا في رمضان . يمكن قياسه بممارسة الجنس أمام الملء باعتبار أن كلاهما محرم و مجرم ، و أساس فيه مساس بالأخلاق العامة و الحميدة ، فهل يستقيم أن نمارس حقنا دونما اعتبار للآخر و لحقوق الجماعة ؟ إن أسس التعايش السلمي داخل أي مجتمع يؤمن بالتعددية الفكرية و الدينية يقتضي بالضرورة الإحترام المتبادل بين هؤلاء الفرقاء.
و بناءا عليه إذا كان أعضاء حركة الدعوة للإفطار نهارا في رمضان دعاة لدين آخر و دعاة للإلحاد ، فمن باب الاخلاق إحترام الآخر ، خاصة المسلمين الذين يصومون نهارا ، و بالتالي تفادي المجاهرة بالإفطار ، إحتراما لهم ، و لمعتقدهم.

رأي قانوني:

بالرجوع إلى مقتضيات المادة 18 من الإعلان العالمي فإن هذه المادة تتحدث عن ممارسة الشعائر الدينية و لم تتحدث عن اللادينية . باعتبارها لا تقتضي ممارسة أية شعائر. أيضا ممارسة الشعائر الدينية تتم بانتظام ، و ليس لإثارة الإحتقان و تغذية التفرقة . و بالرجوع إلى ماصايمينش، فإن الإفطار جهارا في رمضان ليس من الشعائر الدينية و ليس للتعريف بدين معين ، و بالتالي فاختيار هذا التوقيت بالذات و الذي يعتبر فترة مقدسة لدى المسلمين تعتبر مبادرة لإثارة حفيظة المسلمين.
و بالرجوع للقانون الداخلي . فنجد أن المشرع المغربي قد نظم هذا الإجراء بمقتضيات زجرية في المجموعة الجنائية.
تنص المادة 222 من مجموعة القانون الجنائي المغربي على ما يلي:
"كل من عرف باعتناقه الدين الإسلامي، و تجاهر بالإفطار في نهار رمضان، في مكان عمومي، دون عذر شرعي، يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر و غرامة من اثني عشر إلى مائة و عشرين درهما"
فانطلاقا من هذه المادة يشترط لقيام جريمة الإفطار في رمضان :
1- أن يعرف باعتناق الإسلام ، و بالتالي يجب أن يكون المفطر جهارا نهارا ، ليس فقط مسلما بل أن يعرف باعتناقه للإسلام ، و هذا يتم بممارسة الشرائع الدينية للمسلمين.
2- أن يتم الإفطار علانية نهارا في رمضان ، في مكان عمومي.
3- عدم وجود عذر شرعي كالمرض مثلا ، للإفطار علانية .
و بذلك تكون العقوبة هي من شهر إلى ستة أشهر و غرامة مالية.

و في الختام تجدر الإشارة إلى أن حركة "ما صايمينش" تدعو لإلغاء المادة 222 أعلاه لأنها تجرم الإفطار . و باعتبار أنهم لادينيون لايريدون الصوم .غير أن بلاذتهم و رغبتهم الأكيدة في زعزهة الإستقرار داخل البلد ، هو ما يدفعهم إلى ذلك و ليس حرية المعتقد و الإفطار . لأن هذه المادة تعني المسلمين فقط المسلمين المعروف بإسلامهم . و بالتالي فهؤلاء لهم الحق في الإفطار .
و في نظري فالتهمة التي يجب متابعتهم بها هي زعزعة عقيدة مسلم و أيضا تهمة إحداث اضطراب من شأنه الإخلال بهدوء ووقار العبادات و الإحتفالات الدينية طبقا للفصلين 220 و 221 من القانون الجنائي ، فأنا إن اعترفوا بإسلامهم فوجب إضافة الفصل 222 من ق.ج بتهمة الإفطار العلني نهارا في رمضان.
و بعيدا عن التهم و أحكام القانون الوضعي ، فإنه بإمكان أي كان الإفطار لكن في بيته ، عملا بقاعدة فإن ابتليتم فاستتروا ، و أيضا في إطار إحترام الآخر و احترام ممارسة شعائره الدينية، إن أي حقوقي يحترم حقوق الإنسان و يحترم الإنسانية ، لن يفكر في القيام بما يعتزم أفراد حركة ماصايمينش القيام به ، من إثارة حفيظة المسلمين و إغراءهم و هم في أوج صيامهم خاصة و يصاحب الشهر الأبرك من حرارة الصيف، و إننا لنرى كيف يحترم الأجانب غير المسلمين ، يحترمون المسلمين في صيامهم و يتجنبون تناول الطعام و الشراب أمامهم ، ليس خوفا و إنما إحتراما ، فهؤلاء أجانب يحترموننا ، و هؤلاء أبناء بلدنا يريدون إثارة البلبلة ... .