- -

المشاركة .....و المشاركة السياسية للشباب


إن الحديث عن المشاركة في تدبير الشأن العام يقتضي منا بالضرورة التطرق للمشاركة السياسية ، على اعتبار أنها السبيل الرئيس للمساهمة في هذا الباب، فالكل يجمع ، بل القاعدة أن تدبير الشأن العام يقتضي المرور بالطريق السياسي لما يتيحه من اقتران المسؤولية بالمحاسبة.


و ما الحديث عن المشاركة بقضية ظرفية أو مرحلة مرتبطة بالإستحقاقات ، بل تتعداها لتكون قضية ارتبطت بالتطور البشري ( التطور الإجتماعي و ليس ما ترمي إليه النظرية الداروينية) ، فالكل يجمع على أن الإنسان تطور في منظومته الإجتماعية عبر مراحل مرورا بالأسرة الأميسية ، الأسرة الأبيسية ، العشيرة ، القبيلة ، المدينة …..إلى الشكل الحالي للدولة.. و أيضا مرورا بمراحل الترحال و استهلاك ما تجود به الطبيعة إلى مراحل الإستقرار و الإنتاج … .


لم يكن ليتسنى هذا التطور لولا توافر عنصري التضامن و المشاركة . فلولا مشاركة كافة أفراد الأسرة و العشيرة في تدبير أمورهم اليومية ما كانوا ليهتدوا إلى الإستقرار و الإنتاج . بل و إلى تنظيم أمورهم و تطوير نظامهم من عشيرة إلى قبيلة ثم المدينة....


إن المشترك بين مختلف أفراد المجتمعات يختلف بين المتقدمة و غير المتقدمة ( نامية-متخلفة-دول الجنوب...) و تتجلى مظاهر المشاركة و المساهمة في تدبير حياتنا اليومية من خلال المثال الذي نسوقه فيما يلي :



سنأخذ تدبير الماء باعتباره كمادة حيوية و لها أهميتها في حياتنا . فمثلا إنسان يعيش في البادية و يتوفر على بئر ماء يسقي به الحرث و يشرب منه و يقضي به مآربه اليومية .. دون أن يزاحمه أحد في الإستفادة منه. لكن عندما ينضب ماء البئر جراء الجفاف أو غيره . فإن هذا الفرد يكون مجبرا على البحث عن مورد ماء ، و ما يقتضيه ذلك من مشقة البحث. على خلاف المواطن الذي يعيش في المدينة و الذي يصله الماء إلى غاية منزله دون أي اعتبار لوجوده أو قلته ، المهم هو توافره بشكل دائم ، ما دام يساهم في تدبيره و الحفاظ عليه عبر ترشيد استهلاكه و أداء فاتورة الماء الصالح للشرب …


هذا كنمودج عن مظاهر ماهو مشترك و المساهمة في تدبيره .. و ما المشاركة السياسية إلا أبلغ تجليات المشاركة في تدبير مختلف مناحي حياتنا اليومية ، خاصة و أن مختلف القطاعات على رأسها مسؤولين سياسيين.


و تتجلى ضرورة المشاركة السياسية في كون مختلف هذه القطاعات تسير بناءا على سياسيات عمومية تنهجها السلطة التنفيدية .و المستفيد أو المتضرر من هذه السياسات العمومية بالأساس هي الشريحة الأوسع داخل المجتمع و التي تشكل أكبر قوة اقتراحية ، و هي الشباب الذي يشكل حوالي 60 بالمائة من مجموع ساكنة المغرب.


و بناءا عليه فالمشاركة السياسية للشباب هي ضرورة ملحة خاصة في المرحلة الراهنة و ما تعرفه من تحولات على مختلف الأصعدة و أيضا ما أصبح تشكله المشاركة السياسية من أهمية ، في استكمال بناء الصرح الديمقراطي الذي أسس له جلالة الملك في خطابه التاريخي ل9 مارس من السنة الجارية ، و شكلت الوثيقة الدستورية لفاتح يوليوز الأرضية الأساس للمضي قدما في هذا الإصلاح، خاصة و أننا نعيش اليوم على وقع الإرادة الحقيقية للتنزيل السلييم لمضامين الدستور الجديد .و ما يتطلبه من استصدار لمجموعة من القواعد القانونية التنظيمية و التي تمت الإحالة عليها في هذه الوثيقة المتقدمة و الحداثية.


لهذا الغرض يجب علينا المشاركة خاصة و أنه لأول مرة في تاريخ المملكة نعيش على ةقع دستور مغربي مائة بالمائة، و يلزم المؤسسة التشريعية بضرورة استصدار هذه القوانين التنظيمية خلال الولاية التشريعية المقبلة ، كاملة ،و هو ما يحتم علينا المشاركة بكثافة بغية اختيار الأشخاص المؤهلون لتمثيلنا في مجلس النواب و القادرين على المساهمة في تنزيل مضامين الدستور و تمثيل المواطنين أبلغ تمثيل ، بل الأكثر من ذلك . فالكل يعي مدى صعوبة الظرفية التي نعيشها اليوم مع توالي الأزمات ...خاصة المالية الخانقة التي يريد البعض التغاضي عنها أو تغييبها عنا … و ما تأجيل مشروع القانون المالي، الذي خلق استثناءا تاريخيا في التشريع المالي ، و لليوم لا نعرف معالم هذا المشروع . إلا أبلغ دليل على ضرورة المشاركة لاختيار من هم أجدر بتمثيلنا و تخليق الحياة السياسية و الممارسةالنيابية ، لقطع الطريق على مثل هذه الممارسات.


إن الظرفية السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية ، تحتم على كل مغربي غيور على مصير هذا البلد المشاركة في استحقاق 25 نونبر المقبل للمساهمة في رسم السياسة الإقتصادية للدولة ، والكفيلة بإخراج البلد من عنق الزجاجة اقتصادية ، و المساهمة في التنزيل السليم لمضامين الدستور و استكمال بناء الصرح الديمقراطي ، و أيضا المساهمة في وضع سياسة اجتماعية تراعي خصوصيات المجتمع المغربي ،عبر تقليل الهوة الطبقية و محاربة الفقر و الهشاشة و توفير فرص للشغل …...إلخ .

كل ذلك لن يتأتى إلا بمشاركة أكبر قوة اقتراحية في البلد و هي الشـباب .